العلاقة الموضوعية تجمع الانسان والحيوان والنبات، من علاقة البر الطبيعي الذي جمع بينهم، والتي تركت في الذاكرة البشرية قصصا وطرائف نسجها الانسان من تلك العلاقة عن الحياة البشرية من البرية .
الحياة البرية :
يحكي الأولون أن انسانا كان يعبر طريقا برية، فاشتد عليه العطش من حر الصيف، فإذا به يجد بئرا تجري بالماء وسط اشجار شوكية غنية بالفاكهة البرية .
وبعد أن شرب واستراح، راح يجمع الثمار من الكروم الشوكية، الى أن غربت عليه الشمس والزمته الأحوال أن يمضي الليل من المكان، فإذا بأصوات الذئاب تعلي العواء من العراء، وما كان عليه الا أن يشمر عن ساعده، ويشرع في قطع الشجيرات الشوكية ويتخذها حزاما شوكيا يحيطه من مكان تواجده، يحمي بها نفسه من هجمات الذئاب، التي باتت مرة تنبش عليه التراب من تحت حزام الأشواك، ومرة يحرك الأشواك لابعادها عن الحفر والنبش، الذي تريد منه اختراق ساحته، إلى أن طارد ضوء النهار جمع الذئاب .
وكانت حصيلة الليلة اصطياد ذئب، وقبله جمع قدر من الفاكهة، لم يدري الانسان ماهيتها، حملها كهدية لمن يتملك النظر في الأمر .
وحين حضر الصياد أمام أهل النظر بالصيد والفاكهة، وقع الاتفاق الاسمي من الفاكهة أنها عنب الذئب، التي افتكت اسره من الصيد، كما افتك الصياد حياته من الذئب .
العنب البري :
عرف المغرب العنب البري من نوعين، عنب شوكي ويطلق عليه اسم عنب الذئب، وعنب زراعي ويحمل اسم العنب البري
انتشر من محل العنب الشوكي من علاقة البلد مع البلدان الأوروبية، عهد اكتشاف القارة الأمريكية، حيث كانت تربة البلد تنبث الكروم الشوكية التي تستوطنها الذئاب، والقنافيد، تجد القنافيد من ساحتها مخبئا من الذئاب، بينما تتعلم منه الذئاب كيف تتغذى من وسط الأشواك، وكلاهما شريكان من شجرة الكروم الشوكية، العنب للذئب، والأشواك الحمائية للقنفود .
استضافة القنفود للذئب :
كان الذئب يستهوي اكل القنفود على العنب الشوكي الذي لايغنيه عن القنفود، ومرة وجه القنفود الدعوة الى الذئب، قائلا : ياعم القنفود كيف تأكل حفنة من الأشواك وتترك العنب، دعك تاكل العنب من غير أشواك، فأنا عينك على الحارس .
شرع القنفود في الحراسة على عتبة باب المزرعة، وحين فتح الحارس الباب وهم بالدخول، انسل القنفود طالبا النجاة بنفسه،بينما الذئب استغرق في الأكل الى أن امتلأت بطنه، وأصابه الوجع من كثرة الأكل، فبدأ يتلوى من الوجع الى أن ادركه حارس المزرعة فرمى به من السياج، وحين ارتطم بالأرض ثم عوى، انطلق هاربا بعد أن صحا من الوجع والمتابعة .
العنب الزراعي :
هو من الكروم التي انتجها الانسان من الطبيعة وكيفها من البراري الموسمية مع الظروف المناخية من الأوقات المطرية، وهي كروم زاحفة، تعطي الغلال الموسمية من عملية الغرس والحرث والتشديب من الأعشاب، ترخي بثمارها من تحت الفروع الورقية، عنبها قوي اللحمة طيب الحلاوة .
إن لم يكثرت الانسان من الأكل فيه، تعرض للوجع الحاد في المعدة، من استطاب مداق الفاكهة دون العلم لما بعده من وجع الذئب .
وهكذا كان سبق العنب من الطبيعة باسم عنب الذئب، وعرف الشبع منه عهد الزراعة البرية باسم وجع الذئب . انقرض الذئب من الساحة، ولازال الوجع من الاسراف في العنب .
قال عم القنفود : كل العنب، وقيس على نفسك من ذلك .
وقال الرواة : رحم الله أهل الأغراس من فكر الاستئناس، وما رووا عن الحياة في البرية التي هيأت العيش للحيوان والانسانية .